-->

الأم العاملة و تأثير عملها على أطفالها

 تجربتي مع الأمومة و العمل 



لكل إنسان في هذه الحياة أولويات، يتم ترتيبها بأهميتها في حياة الشخص و يتغير ترتيبها حسب الزمان و المكان و متغيرات أخرى فمثلا عندما كنت فتاة كان كل همي الدراسة و الحصول على معدلات عالية من أجل التخصص في مجال العلوم، كنت محبة للمطالعة و الكتب، و قد عشقت منذ الصغر التصوير الفطوغرافي و الطبيعة الخلابة لدرجة انه كان من أولوياتي المطلقة الحصول على كاميرا احترافية من أجل الحصول على لقطات رائعة.

عتبة الدراسة :

لطالما كنت من الممتازات، كنت أحصل دائما  على معدلات جيدة لكن البكالوريا كانت العتبة التي توقفت عندها أحلامي، أن أكون أستاذة علوم، لم أيأس و انتقلت للدراسة في المعهد الوطني للتكوين المهني و انطلقت في الانخراط في عالم الشغل، حاربت و جاهدت و اجتهدت و لم أكن أبالي كنت أغادر فراشي الساعة السادسة صباحا و امشي مسافة كيلومترين كل يوم للوصول إلى أقرب نقطة مواصلات، لم استسلم يوما و كنت على قدر التحدي،..، أصبحت أما و تغير كل شيء 

تحدي ترك صغارك من أجل العمل:

عندما تصبحين أما يصبح أقصى ما تطمحين اليه أن تكوني أما مثالية لصغارك، ان تغرقيهم بحنانك و عطفك، أن تربيهم كما يجب أن يكون، ان تتركي رضيعك و عمره لا يتعدى أربعة أشهر أكبر تحدي يمكن أن يمر على أي أم جديدة، و كأنك تتركين قطعة لا بل و كأنك تتركين روحك ككل و تغادرين بدونها، محظوظة من وجدت أمها بجانبها تتحمل معها مسؤولية طفلها...

نظرة المجتمع للأم العاملة:

لا تتحمل الأم العاملة فقط تعب العمل خارج المنزل و تلبية احتياجات صغارها على أكمل وجه، بل تضطر دائما الى مواجهة نظرة المجتمع التي تكون احكام مسبقة بأنها مقصرة في حق صغارها و تربيتهم، نظرة المجتمع القاسية بأن أطفال الأم العاملة ناقصين حنان و تربية كانت تقتلني في اليوم ألف مرة ،فالأم العاملة لا يجب ان تتحجج بأن طفلها مريض ،اذا   قلت بأن صغيرك مريض فالكل يتفق على كلام مر واحد،    هذا لأنه يشتاق اليك ،هذا لأنك تهملينه كثيرا عند ذهابك الى العمل. 

لا يعلم هذا المجتمع أن مرارة فراق فلذة أكبادنا تكفي ،أظن بل و أكاد أجزم أن أي أم اذا وجدت الاكتفاء المناسب ،اذا تمكنت من توفير كل متطلبات الحياة لصغيرها فلن تتركه من أجل العمل أو من أجل اي شيء آخر.

دائما ما يؤكد المجتمع أن تعرض الأولاد للأذى يكون لأن أمهم عاملة و لا تهتم بهم أو بأمورهم و هاذا من الأخطاء الشائعة التي تهدم نفسية الأم العاملة.

صحيح أن العمل يعني الاستقلالية المالية في الظروف الميسورة الا أنه لا يعوض دقيقة واحدة تقضيها الأم العاملة بعيدة عن أطفالها. و اذا أردت أن أخفف عن نفسي قليلا فأحيانا أضطر الى عد حسنات الأم العاملة بالنسبة لي و لأطفالي...

ايجابيات الأم العاملة و تأثيرها على أطفالها:

قد يجد البعض أن ذكر حسنات و ايجابيات عمل الأم شيئا مبتذلا،لكن يجب معرفة بعض الحقائق و أن:

أطفال الأم العاملة يتعلمون الاستقلالية باكرا،فهم يتحملون بعضا من المسؤولية على خلاف أطفال الأم الماكثة بالبيت حيث يعتمدون اعتمادا كليا على وجود الأم دائما بجانبهم مع أن هاذا لا يبخص من قدر الأم الماكثة بالبيت شيئا.

توفير ضروريات الحياة في ظل الأزمات المالية و الاقتصادية التي يمر بها الجميع و مع أن ذلك من واجب الزوج الى أن القليل من المساعدة لن يضر.

الأم العاملة و ان بدى هذا مضحكا للبعض الا أنها منظمة أكثر من غيرها و ذلك لأنها تحاول دائما التعويض عن غيابها فهي تقوم بالأعمال في وقت قياسي و على أكمل وجه ما ينعكس بطريقة ايجابية على أطفالها الذين تجدهم منظمين أكثر من غيرهم.

دور الأم العاملة في التوفيق بين أسرتها و مهنتها يجعلها في صراعات كثيرة و تحديات أكثر مما يجعلها دائما تجتهد من أجل الحصول على الأفضل لها و لأبنائها ستكون هي قدوتهم في اثبات ذاتهم في المجتمع.

الأم العاملة ليست أما سيئة ،هي أم كسائر الأمهات بل و أكثر ،انها مثابرة طموحة لا تستسلم و هاذا ماستزرعه في صغارها،أولاد الأم العاملة لا ينقصهم الحنان،فأنا أعوض دائما أطفالي عن كل دقيقة لا أقضيها معهم ،هم يدركون أنني أضحي من أجلهم و ليس بهم،الرأفة بالأم العاملة مطلوبة فمشاكل التوفيق بين أسرتها و عملها تكفيها و الله المستعان